ماذا فعلت العصابة في سيح البوتة؟
في نهاية الثمانينات من القرن الماضي طلب السلطان الهالك قابوس من أهالي الشريجة بالجبل الأخضر أن يستصلح مزرعة في سيح البوتة بحيل المسبت، وهذا السيح حسب قسمة فلوات الجبل في نطاق فلواتهم - ولم يكن أمام الأهالي خيار غير الموافقة؛ لكنهم اشترطوا عليه تعويضهم عن أي ضرر يلحق بهم من قبل هذه المزرعة على الماء أو غيره، واتفقوا
على ذلك
وفي نهاية التسعينات بدأت جرافات السلطان الهالك بجرف السيح والإفساد فيه واقتلاع أشجاره المعمرة ونباتاته النادره وجرف التربة من تحت الشراج القريبة وتحت الأشجار الكبيرة لأجل هذه المزرعة، وحجم هذا الخراب الذي حدث كبير لدرجة إمكانية ملاحظته في صور الأقمار الصناعية بوضوح
حالة السيح وخب حيل المحلب وآثار جرف التربة كما يبدو في الصورة أدناه، المزرعة يظهر جزء منها على يمين الصورة
Google Earth
وفي الصور التالية يمكن ملاحظة ما حدث في السيح وما حوله من دمار بين عامي 1996م و2018م، صورة كل عامين، أقدم صورة في الأعلى وأحدثها في الأسفل
(Google Earth, Time Lapse)
وجرف التربة من قبل الديوان ما يزال لم يتوقف حتى اليوم والمشاكل البيئية المرتبطة بهذه الجريمة في ازدياد مستمر، كما
إنّ المشاكل البيئية المرتبطة بهذا الأمر لا سيما تعري القفار والتصحر أمران مقلقان جداً
الصور أدناه توضح تفاصيل المشكلة عن قرب
تظهر في هذه الصورة جونية محترقة جزئياً، تبين لنا أنها من إنتاج شركة فيتاس البرتغالية لصناعة معالجات التربة والأسمدةالكيماوية وصناعة الخمور، وهي من مجموعة شركات رولير الفرنسية العملاقة المتخصصة في إنتاج الأسمدة ومعالجات التربة الكيماوية.
وفي هذه الصورة تظهر بقايا قنينة كان فيها حمض الهيوميك على الأرجح وهو معالج حمضي كيماوي لقلوية التربة وميّسر للأشجار لامتصاص الأسمدة من التربة، مصدره مجهول كما مكوناته.
فضلاً عن طريقة التخلص الخاطئة من هذه المخلفات السامة، فإنّ هذه الكيماويات ضارة جداً بهذه الأرض التي بقت طبيعية لآلاف السنين بلا أية كيماويات ولا مبيدات ولا سموم، وسنوياً يتم استخدام عدة أطنان من هذه المواد في هذه المزرعة. إنّ هذه جريمة بشعة جداً في حق هذه الطبيعة البكر والنظيفة. تظهر مدى بشاعة هذا النظام في جشعه نحو التملك والإستيلاء والإستغلال لثروات الأرض العمانية وتدميرها بعد استنزافها.
كما أنّه من المؤكد أنّ هذه الكيماويات والسموم تصل إلى المياه السطحية والجوفية التي يشرب منها الناس والحيوان والنبات في الجبل بتركيز أعلى وفي الوطأ بتركيز أقل، بسبب كون المزرعة في أعلى هضاب الجبل الأخضر ، فهذه الهضبة متصلة بما حولها وبالتأكيد بالأرض أسفل منها عبر الشراج المختلفة النازلة منها.
هل اهتم قابوس بحجم هذه الجريمة التي مارسها في حق الجبل بيئة وأناساً؟ لا
هل يهتم التابع الجديد والعصابة التي تشاركه بهذه الجريمة المستمرة في حق البيئة والناس في الجبل؟ لا طبعاً.
بدأت مشكلة نقص المياه في الجبل الأخضر بعد ظهور هذه المزرعة بسنوات قليلة، وظهر جلياً للناس أنّ المشكلة مرتبطة بآبار هذه المزرعة التي استحُدثت معها في الجبل الأخضر.
فبينما كان الناس في الجبل الأخضر حتى العام الفائت يشربون جميعاً تقريباً من بئر واحدة يتيمة، تشرب هذه المزرعة من إحدى عشر بئراً منتشرة في مساحة واسعة من حيل المسبت أعلى الجبل لتضمن استمرار تدفق المياه لأشجار السلطان وبهائمه في المزرعه!
على الأقل هناك سبعة آبار من الإحدى عشر بئراً من هذه الآبار تعمل بشكل مستمر، وهو ما أدّي إلى استنزاف مياه المخزونات الجوفية الرئيسية في الجبل الأخضر بين تكويني سيق ومستل الصخريين بشكل واضح، وظهر جلياً في انخفاض تدفق عيون مياه الأفلاج النابعة من بين هاتين الطبقتين جنوبي حيل المسبت في ميبنت ووادي بني حبيب غرباً إلى عيون القنتي والأعور والكبيري شرقاً المغذية للشريجة والعين والعقر.
كما تأثرت العيون والأفلاج النابعة من الجروف الشمالية للجبل الأخضر في وادي مستل ووادي بني خروص في نفس الفترة والضرر ما يزال قائماً حتى اليوم، وبينما تزدهر الأشجار والمزروعات في هذه المزرعة لوفرة المياه المسروقة في الجانب المقابل ماتت آلاف الأشجار ودثرت مئات الوقفان وعشرات المزارع في الجبل الأخضر نتيجة هذه السرقة، ولك أن تتخيل سؤ الأمر فمزرعة عمرها لا يتجاوز العقدين مقدمة على بلدان وقرى عمرها آلاف السنين، مزرعة لشخص أو عائلة واحدة في أرض مغتصبة تتسبب بأضرار وخراب لعشرات المزارع المملوكة منذ آلاف السنين لمئات العائلات في الجبل بسرقة المياه منها.
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفمالك جالس تهروث
ردحذفهذه حقائق أنا شهدتها بنفسي
حذف